tachard1

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
tachard1

غريب في وطنه


    حلول ومقترحات

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 18
    تاريخ التسجيل : 01/04/2010

    حلول ومقترحات Empty حلول ومقترحات

    مُساهمة  Admin 2/4/2010, 4:22 pm

    عرفت النظم التشريعية تطوراً هائلاً منذ منتصف هذا القرن، وذلك نتيجة لعدة عوامل منها تحقق الاستقلال لعدد من الدول المنتمية للعالم الثالث، وازدياد الوعي بحقوق الإنسان والمرأة والطفل. وقد حصل تتويج لذلك كله بنشر الاتفاقية الخاصة بحقوق الطفل التي وافقت عليها جل الدول مع بعض التحفظات من قِبَلِِ عدد محدود من الدول لأسباب قَدَّرتْها هذه الدول.لكن وبالرغم من كل هذه الجهود المبذولة يبدو أن الجانب القانوني مازال في حاجة إلى تطوير اجتهادات ترقى إلى مستوى ماهو مطلوب كما وطرحت عدة قوانين وضعية لا تستند على أساس فكري معاصر لمفهوم" أطفال الشوارع " أو "الأطفال المشردين"

    وهذه الاتفاقيات أو التشريعات لاتعطي اهتماماًً كبيراً للمجالات التطبيقية كما أنها لاتكفل الحق نفسه في التعليم والتكوين لهذه الفئة من الأطفال، كما هو حال الفئات الأخرى.

    وهكذا إذا انتقلنا من مستوى التشريع إلى مستوى التنظيم. نجد أن جل المجتمعات بدأت تنشئ بعض المؤسسات الإيوائية، يرتكز بعضها على الردع والحبس، وبعضها الآخر على العمل الخيري المصحوب بتدخل الإرشاد النفسي والتربوي. لكن ماهو ملحوظ أن هذه المؤسسات تكتفي فقط باستقبال الأطفال والشباب المشردين المحكوم عليهم في قضاء الأحداث،

    وقد استحدثت بعض الدول طرائق جديدة مثل:

    ـ إلحاق الطفل بأسر مختارة تكون بديلة للأسرة الأصلية (التبني).

    وأحيانا نجد بعض الآليات الاجتماعية التي ترتكز على العمل في الوسط الاجتماعي (الأسرة ،البيئة المحلية )

    وقد تبين من دراسات متعددة أن أغلب الأطفال المشردين تربطهم علاقة ما بأسرهم الأصلية باستثناء البعض منهم الذي انقطع كل تواصل مع ذويهم.

    وارتكازاً على هذه العلاقة، وبالتعرف على خصائص الوسط الاجتماعي لأسر الأطفال، ووجود رغبة لدى هؤلاء في الرجوع إلى بيوتهم يمكن التدخل اجتماعيا.

    ويُعَدُّ هذا التدخل في مجال الأسرة والأوساط المهددة وقائياً، يستهدف منع انتشار هروب الأطفال وتشردهم في الشارع، ويظهر ذلك في أشكال متعددة:

    *المساعدة المادية: بمنح الأسرة المعوزة التغذية والكساء الضروريين... .

    * المساعدة الإرشادية: إرشاد أسري، إرشاد صحي.......

    *المساعدة القانونية: في حل بعض المشكلات المؤدية إلى الطلاق، وتسهيل ولوج بعض المصالح"الصعبة".

    *المساعدة الاجتماعية والنفسية: بتوجيه الآباء نحو بعض الأعمال، أو إعطاء إرشادات نفسية حسب الحالات وحسب الطلب.

    ولكي تكون أشكال المساعدة السابقة فعالة، يستحسن إحداث مراكز اجتماعية في الأحياء الساخنة، تنظم بها اجتماعات وحلقات للتوعية، ويحضرها الأولياء، وبالأخص الأمهات، ويحبذ أن يرافقهن الأبناء.

    وتُّعَدُّ هذه المراكز مجالا ًلاستقبال جميع أنواع المساعدة السابقة الذكر، إضافة إلى تربية الأطفال في سن ما قبل التمدرس، وفضاء يتم فيه النقاش وتبادل الرأي بين الأولياء، وبحضور بعض المرشدين الاجتماعيين أو النفسيين للتعرف على المشكلات التي تعيشها الأسر،ومناقشة طرق حلها بشكل جماعي.

    وهناك أيضا عدة آليات تربوية يتم العمل بها بموازاة الآليات الاجتماعية وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذا التدخل صعب لتعقيد الظاهرة، وتنوع الخاصيات الاجتماعية والنفسية والصحية للأطفال المشردين.

    وقد توصل بعض المتدخلين في هذا المجال إلى بعض التقنيات البسيطة لربط علاقات مع هؤلاء الأطفال، اعتماداً على فهم الخصائص التي تميزهم، والتي قد تختلف من بلد إلى آخر.

    منها:

    1-تقديم الطعام والماء للطفل وتوزيع الدواء واللباس أو الألعاب

    2-عدم إحراج الطفل بكثرة الأسئلة حول الاسم والنسب والأسرة، وكل ما يتصل بحياته اليومية.

    3- الاستنكاف عن منعه من تعاطي بعض الممنوعات والتصريح بذلك بشكل مباشر.

    4- الامتناع عن التعليق على بعض مظاهره السلوكية، أو انتقاد نمط حياته.

    واحترام هذه المبادئ من شأنه أن يعيد الثقة لدى الطفل، ويساعد على التواصل معه، وبالتالي يسمح بجمع المعلومات الضرورية بطريقة غير مباشرة، ودون اللجوء إلى الكتابة والتدوين، لأن ذلك قد يثير لديه الشك والريبة من المتدخل.

    وماهو هام وحيوي هنا، هو التعرف على مدى رغبة الطفل في تجاوز وضعيته عن طريق رغبته الذاتية، والتي يمكن اعتبارها بداية حقيقية لإعادة إدماجه في المجتمع. إن التعبير عن هذه الرغبة يتبلور في شكل مشروع للحياة يمكن للمتدخل أن يعمل على توضيحه وبلورته مع الطفل في مراحل لاحقة.

    مشروع الحياة: بعد ربط الاتصال بين المتدخل والطفل، يمكن للأول مساعدة الثاني بالعمل على بلورة مشروع الحياة في ثلاثة مستويات كالآتي:

    * المستوى الاجتماعي: باستنباط رغبة الطفل في الرجوع إلى بيته أو البحث عن عائلة بديلة أو الاستقرار في أحد المراكز الخيرية، كما يمكن التفكير في استحداث مأوى من نوع خاص بهؤلاء الأطفال، لاتحكمه قوانين صارمة

    وقد بينت بعض التجارب في أمريكا اللاتينيةأنه كلما كانت القواعد الأساس المنظمة للولوج إلى المأوى بسيطة، كلما دام استقرار الطفل بها وللبرهنة على ذلك اكتفى المسئولون عن المأوى بفرض ثلاث قواعد:

    ـ الاستحمام كل يوم

    ـ ولوج المأوى قبل الساعة السابعة والنصف مساء بدون تعاطي المخدرات أو المسكرات، وبدون أن يتوفر نقود في جيبه.

    ـ إذا لم يلتزم المعني بالأمر بالقاعدتين الأولى والثانية يتم طرده لمدة أسبوع أو أسبوعين.

    وهكذا يتبين أن التشدد في القوانين يدفع بالطفل إلى الهروب منها، وحتى حين يلجأ مضطراً إلى المركز أو البيت، فإنه سرعان ما يعود إلى الشارع بحثاًً عن" الحرية الوهمية".

    ولهذا تم ابتكار نماذج تعليمية غير نظامية كمدارس الشارع في السنغال ، أو الحلقات التعليمية بجانب الساحات في بعض دول آسيا،أو فصول الملاجئ حيث تلقن بعض مبادئ القراءة والكتابة والتـربية الدينية.



    * المستوى التربوي:وهو جانب هام في "مشروع الحياة" فالتربية وسيلة لإعادة الإدماج، ويبقى فقط نوع النظام التربوي المناسب لهذا النوع من الأطفال.

    صحيح أن بالإمكان الاستفادة من التعليم النظامي، إذا كان ذلك مناسباًً، ولكن ظروف هؤلاء الأطفال تجعل من العسير تحقق ذلك للأسباب الآتية:

    ـ إما لأن الأطفال يشتغلون لمساعدة ذويهم.

    ـ أو ينفرون من الصف لخصوصياتهم النفسية والاجتماعية.

    ـ أو تعذر التحاقهم لتجاوزهم السن القانونية.



    * المستوى المهني:وهو المستوى الأهم في "مشروع الحياة" والوسيلة الأنجع لإعادة إدماج الأطفال المشردين في الحياة الاجتماعية، كما أكدت على ذلك عدة دراسات.

    ويتمحور العمل في هذا المستوى على جانبين متداخلين:

    ـ المساعدة على إنشاء ورشات ومعامل لصالح الأطفال المشردين المتمكنين من بعض الحرف ( النجارة، الحدادة.... إلخ).

    ـ المساعدة على التكوين المهني لهؤلاء بعد التعرف على مؤهلاتهم ومهاراتهم.

    وفي هذا السياق يمكن الاستعانة بالتكوينات النظامية المتوافرة في البيئة الاجتماعية، أو يمكن اللجوء إلى التكوين المباشر داخل الورشات من قِبَلِ بعض الحرفيين المهرة.

    وبخصوص هذا الجانب تجب الإشارة إلى ضرورة الاحتياط، لأن بعض هؤلاء الأطفال قد يعمد إلى سرقة المعدات وبيعها، ولذلك يجب العمل على توعيتهم بالمسؤولية وتمكينهم من امتلاك هذه المعدات، عن طريق القروض التي يمكن استردادها عن طريق الاقتطاع من مدخراتهم ... .

    ولعل نجاح "مشروع الحياة" متوقف بالدرجة الأولى على اقتناع الطفل بذاته، وقدرته على أن يصبح عضواً صالحاً في مجتمعه ينفع بعمله الآخرين، كما ينتفع من عملهم، ولن يتحقق هذا الاقتناع إلا بواسطة الممارسة اليومية، بعيداً عن جو الترهيب والتخويف. وبتطبيق مخطط إعادة إدماج الأطفال عبر مراحل متتالية ودقيقة تشمل:

    ـ اللقاءات الأولية.

    ـ الملاحظة غير المباشرة.

    ـ بلورة مشروع الحياة الثلاثي المستويات.

    ـ الشروع في تطبيق هذا المشروع.

    ولن يكون نجاح هذا المخطط ممكناًً بدون التوفر على تربويين، يتميزون بالتفاني، وإنكار الذات والجدية والحب، وهي سمات تميز المربي المختص في التعامل مع الأطفال المشردين، وهو الذي يسمى " مربي الشارع".

      الوقت/التاريخ الآن هو 26/4/2024, 2:35 pm